شبكة الدعوة و التبليغ
*** السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ***
هذة الرسالة تفيد بأنك غير مسجل فى منتدي الدعوة والتبليغ يمكنك الدخول او التسجيل ان شئت.
شبكة الدعوة و التبليغ
*** السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ***
هذة الرسالة تفيد بأنك غير مسجل فى منتدي الدعوة والتبليغ يمكنك الدخول او التسجيل ان شئت.
شبكة الدعوة و التبليغ
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


موقع الدعوة والتبليغ
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  
تم افتتاح منتدى الدعوة والتبليغ بمصر ونرجوا من زوارنا الكرام المساهمة فى انشاء هذا المنتدى فهى خير صدقه جاريه وجزاكم الله خيرا
" قال صلى الله عليه وسلم : "... فليبلغ الشاهد الغائب ، فرب مبلغ أوعى من سامع
دعمك الينا هو التسجيل والمشاركة حتى نوضح للامة كلها من هم اهل الدعوة والتبليغ بحكمة ورحمة
اهل الدعوة والتبليغ رحمة وسلام لتبليغ الاسلام

 

 توحيد الالوهية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
mz
المدير العام
المدير العام
mz


ذكر
عدد المساهمات : 159
تاريخ التسجيل : 28/08/2008
العمل/الترفيه : طالب

توحيد الالوهية  Empty
مُساهمةموضوع: توحيد الالوهية    توحيد الالوهية  Emptyالسبت أبريل 23, 2011 12:28 am

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد
لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين،
اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما
ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا
اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول
فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
أيها الإخوة الكرام: مع الدرس الخامس من دروس
العقيدة، وقد كان موضوع الدرس السابق كيف نؤمن بالله رب العالمين ؟ كيف
نؤمن بأن الله خالق السماوات والأرض ؟ كيف نؤمن بأن الله جل جلاله ممد
السماوات والأرض، هو الذي يعطي، هو الذي يمنع، هو الذي يرفع، هو الذي يخفض،
هو صاحب الأسماء الحسنى، صاحب الصفات الفضلى ؟ الحديث عن وجود الله ون
كماله ون وحدانيته وعن ربوبيته، وعن أفعاله، مقتضى الإيمان برب العالمين،
ولكن هذا الإيمان بأن الله خالقنا ومربينا ومسيرنا، وأنه إليه المصير، وأنه
خلقنا إلى جنة عرضها السماوات والأرض، وأن الأمر كله بيده، وأنه لا معطي
إلا هو، ولا مانع، ولا رافع، ولا خافض، ولا معز، ولا مذل إلا هو سبحانه،
هذا الإيمان ماذا يقتضي ؟
هنا موضوع هذا الدرس، يقتضي أن نعبده، أن
نتوجه إليه، أن نفرده بالعبادة ألا نعبد إلا إياه إياك نعبد وإياك نستعين،
لذلك أيها الإخوة الكرام، أن تعبد الله عز وجل وحده أي أن تفرده بجميع
أنواع العبادات الظاهرة والباطنة، بل ينبغي أن تعتقد يقيناً أن الله وحده
هو المستحق للعبادة، وهذا معنى لا إله إلا الله لا معبود بحق إلا الله
دائماً، هناك حقيقة لكن ما موقفك منها ؟ ماذا فعلت من أجلها ؟

﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ﴾


[ سورة فصلت: الآية 6]

يقتضي إيمانك بالله خالقاً ومربياً ومسيراً
وواحداً في وجوده، واحداً في صفاته، واحداً في أسماءه، يقتضي إيمانك بكماله
أن تعبده،أن تتوجه إليه، أن تفرده بالعبادة، أن تتوكل عليه، أن تستعين به،
أن ترجوه، أن تسأله، أن تستغفره.
لذلك أيها الإخوة: من مقتضيات الإيمان بالله رب العالمين أن تفرده بكل
أنواع العبادات الظاهرة والباطنة، وأن الله وحده هو المستحق للعبادة.
أيها الإخوة الكرام: كلمة لا إله إلا الله
تقتضي أن تعبده، وأن تؤمن بربوبيته، لا معنى أن تعبده دون أن تؤمن به، لكن
إذا آمنت بربوبيته لا يعني أنك تعبده، إن آمنت بألوهيته أنه المستحق وحده
للعبادة، هذا يقتضي أنك آمنت بربوبيته، أما العكس فغير صحيح.
لذلك أيها الإخوة الكرام: من أجل هذا التوحيد
في العبادة خلق الله الخلق، وأرسل الرسل، وأنزل الكتب، وبه افترق الناس إلى
مؤمنين وإلى كافرين، إلى سعداء في الجنة عرضها السماوات والأرض، وإلى
أشقياء في نار لا ينتهي عذابها، وعلة خلقنا أن نعبده، لكن كلمة نعبده قد
يفهم الواحد منا أنه ينبغي أن نطيعه، هذا صحيح، ينبغي أن نطيعه، ولكن
الطاعة ليست هدفاً، إنما هي وسيلة للسعادة في الدنيا والآخرة، خلقنا لنسعد
به، فأمرنا أن نعبده، وملخص الدين كله تعرفه فتعبده فتسعد بعبادته في
الدنيا والآخرة، لذلك العبادة طاعة طوعية، ممزوجة بمحبة قلبية، أساسها
معرفة يقينية، تفضي إلى سعادة أبدية.
لذلك أيها الإخوة الكرام: تكاد تكون هذه الآية ضغطاً للدين كله قال:

﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ (25)﴾


[ سورة الأنبياء: الآية 25]

جميع الرسالات التي نزلت من السماء فحواها هو
وحده المستحق للعبادة، لا معبود بحق إلا الله، ينبغي أن نعبده، في أكثر
آيات القرآن آية متكررة على لسان كل الأنبياء:

﴿فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ﴾


[ سورة الأعراف: الآية 59]

أقدم لكم أيها الإخوة الكرام: ضرورة توحيده في العبادة، وتوحيده في الربوبية قال تعالى:

﴿قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ
الَّذِينَ اصْطَفَى آَللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ (59) أَمَّنْ
خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً
فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ
تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ
(60) أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَاراً وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَاراً
وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزاً أَئِلَهٌ
مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (61) ﴾


﴿أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ
وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَئِلَهٌ مَعَ
اللَّهِ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ (62) أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ
الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ
رَحْمَتِهِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ
(63) أَمَّنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ
السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ
إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (64)﴾


[ سورة النمل ]

يقتضي إيمانك بالله رب العالمين أن تفرده بالعبادة.
أيها الإخوة الكرام: معنى أن تفرده بالعبادة
أن تعتقد اعتقاداً جازماً أنه ليس هناك شركاء له، ولا شفعاء، ولا وسطاء،
ومن حق كل إنسان أن يهرع إلى ربه عز وجل، وأن ينكر من أقام نفسه وسيطاً بين
الله وبين عباده، ليس بينك وبين ربك حجاب، أي مخلوق بإمكانه أن يعقد
اتصالاً مع الله عز وجل، بإمكانه أن يدعوه، بإمكانه أن يستغفره، بإمكانه أن
يتوب إليه، بإمكانه أن يتصل به.
هذا الذي قلته بهذه الدقائق ينشعب إلى شعبتين،
ينبغي أن تعرفه، وأن تتأكد من معرفتك له، ثم ينبغي أن تتوجه إليه، أليس في
الإيمان تصديق وإقبال ؟أليس في الكفر تكذيب وإعراض ؟ ينبغي أن تعرفه،
وينبغي أن تتوجه إليه، فالمعرفة من مقتضياتها أن تتوجه إليه، وأي معرفة ليس
معها توجه لا قيمة لها، ذلك لأن العلم في الإسلام ليس هدفاً بذاته.
كما قلت في درس سابق، بل وفي دروس سابقة: إن
إبليس أقرّ بربوبيته، وأقر بعزته، وأقر بأنه خالق الأكوان، وأقر باليوم
الآخر، ولكن هذه المعرفة التي لا ينبثق منها توجه إلى الله، وعبادة له،
وإخلاص له لا قيمة لها إطلاقاً، طبعاً هذه الحالة حالة مرضية شائعة جداً.

﴿قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (84) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (85)﴾


[ سورة المؤمنون ]


﴿قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (86) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ (87)﴾


[ سورة المؤمنون ]


﴿قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ
يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (88)
سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ (89)﴾


[ سورة المؤمنون ]

أن تعتقد أن الله خالق الأكوان، وأن الأمر
بيده، وأن صفاته على، وأن أسماءه حسنى دون أن تتوجه إليه لا قيمة لهذا
الاعتقاد إطلاقاً، لأن العلم ما عمل به، فإن لم يعمل به كان الجهل أولى.
أيها الإخوة الكرام: شهد الله أن الإنسان إذا
آمن حق الإيمان حلت كل مشكلاته، تصبح علاقته بجهة واحدة، من جعل الهموم
هماً واحداً كفاه الله الهموم كلها، اعمل لوجه واحد يكفك الوجوه كلها، ابن
آدم اطلبني تجدني، فإذا وجدتني وجدت كل شيء، وإن فتك فاتك كل شيء.
تقتضي العبودية لله عز وجل أن توقن أنه لا
خالق لهذا العالم إلا الله، بيده الرزق، بيده الخير، بيده الشر، يحي ويميت،
مالك كل شيء، المعز، والمذل، المعطي، الممسك، الصمد، الذي يلجأ إليه في
النازلات، المدبر، المصرف للمقادير في هذا الكون، هذا معنى أن تعبده، ينبغي
أن يسبق عبادتك له أن تؤمن بكل صفاته، وبكل أسمائه، وبكل أفعاله، وأن
توحده.
أيها الإخوة الكرام: الآن الحقيقة أن العبادة علة وجودنا، قال تعالى:

﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56)﴾


[ سورة الذاريات: الآية 56]

أنت حينما تذهب إلى بلد من أجل أن تنال شهادة
عليا، وأن كل آمالك معقودة على هذه الشهادة، بهذه الشهادة تعين بهذا
المنصب، بهذا المنصب لك دخل بهذا الدخل، تتزوج، بهذا الزواج تشتري بيتًا،
كل آمالك بالدنيا متعلقة بنيل هذه الشهادة، فإذا ذهبت إلى بلد لنيل هذه
الشهادة ماذا ينبغي أن تفعل ؟ أدق أدق أدق جزئيات حركتك في هذا البلد
مرتبطة بهذا الهدف الكبير، وهكذا المؤمن في الدنيا أدق حركاته وسكناته
مرتبط بعلة وجوده، علة وجودنا أن نعبده، لكن سبحان الله الكلمات الكبيرة
أحياناً التي وردت في القرآن وفي السنة لكثرة تداولها من دون فهم عميق لا
تأخذ المعنى الذي أراده الله عز وجل، مثلاً يظن الإنسان أن العبادة هي
الصوم والصلاة والحج والزكاة، لا، العبادة أن تعرفه أولاً، ثم أن تطيعه في
كل ما أمر، وذكرت هذا في درس سابق، الطاعة أداء الفرائض، أداء الواجبات،
الأمر بالمعروف، النهي عن المنكر، الدعوة إلى الله، هكذا يقتضي الإيمان،
فلذلك لا يمكن أن نفهم العبادة فهماً ضيقاً، ينبغي أن نفهمها فهماً واسعاً،
أن تعرفه أولاً، وأن تطيعه ثانياً، وأن تكون المحبة مع هذه الطاعة، ثم أن
تسعد بقربه ثالثاً.
السعادة هي الثمرة، السعادة ثمرة جمالية،
والمعرفة سبب، والطاعة أصل، الأصل أن تطيعه لا طاعة إلا إذا عرفته، والثمرة
إن أطعته، أنت في قمة السعادة، السلامة والسعادة مطلبان ثابتان لكل مخلوق
على وجه الأرض، لا يوجد إنسان يتمنى ألاّ يَسلم، ما من واحد من بني البشر
إلا ويتمنى أن يَسلم، وأن يسعد.
لذلك قالوا: العبادة غاية الحب، أعلى درجات الحب العبادة، غاية القرب العبادة، غاية الخضوع العبادة.
الآن هناك تعريفات للعبادة منوعة، أنا ذكرت
تعريفاً يعد تعريفاً جامعاً شاملاً: طاعة طوعية، ممزوجة بمحبة قلبية،
أساسها معرفة يقينية، تفضي إلى سعادة أبدية، لكن بعضهم عرف العبادة فقال:
اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة.
عالم آخر يقول: العبادة هي طاعة الله بامتثال ما أمر على ألسنة الرسل.
أيها الإخوة الكرام: العبادة في القلب، وفي اللسان، وعلى الجوارح، ما وقر في القلب، وأقر به اللسان، وصدقه العمل.
الآن ما من حركة على وجه الأرض إلا وتتنقل بين
الأحكام الشرعية التالية، بين واجب، ومستحب، وحرام، ومكروه، ومباح، ما من
شيء تفعله منذ أن تستيقظ حتى تؤوي إلى فراشك إلا وهذه الأعمال ما بين واجب،
فرض، وبين مستحب، وبين مباح، وبين مكروه، وبين حرام، عندنا واجبات،
مستحبات، مباحات، مكروهات، محرمات، في القلب، وعلى اللسان، وفي الجوارح، كم
حالة ؟ خمس عشرة.
وبعضهم قال: العبادة طاعته بفعل المأمور، وترك المحظور.
وهذه حقيقة الدين، فعل المأمور، وترك المحظور،
من هو الولي ؟ ليس الولي الذي يطير في الهواء، ولا الذي يمشي على وجه
الماء، ولكن الولي كل الولي الذي تجده عند الحلال والحرام، أن يراك حيث
أمرك، وأن يفتقدك حيث نهاك.

﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾


[ سورة النحل: الآية 36]

من لوازم عبادة الله اجتناب الطاغوت، عندك في
الحياة الدنيا خاصة اسمها الإثنينية يعني إيمان يقابله كفر، توحيد يقابله
الشرك، طاعة تقابلها معصية، هناك إنسان رباني، وإنسان شيطاني، إنسان خيّر،
وإنسان شرير، إنسان مستقيم، وإنسان منحرف، هذه إثنينية.
يجب أن نعلم أيها الإخوة الكرام، إن لم تكن على الخط الأول فأنت على الثاني قطعاً، قال تعالى:

﴿فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ﴾


[ سورة القصص: الآية 50]

لا يوجد حالة ثالثة، فلذلك أكثر الآيات التي تأمر بالعبادة تنهى عن الشرك.

﴿وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ﴾


[ سورة النساء: الآية 36]

من لوازم العبادة اجتناب الطاغوت، الطاغوت
الشيطان، الطاغوت أي إنسان يدعوك إلى معصية يدعوك إلى التفلت، يدعوك إلى
استباحة الحرام، يدعوك إلى فعل المنكرات، لا يكفي أن تطيع الله، لو أنك
جمعت بين طاعة الله وبين طاعة الشيطان لا تفلح إطلاقاً، أن تعبد وأن تجتنب،
يا معاذ ما حق الله على عباده ؟ قال: أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً.

﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ
أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ
رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ
أَحَداً(110)﴾


[ سورة الكهف: الآية 110]

الخلاصة أيها الإخوة الكرام: أن الله سبحانه
وتعالى خلق الخلق ليكرمهم بعبادته، وليرفعهم إلى أعلى المستويات، لامتثالهم
لأوامره، واجتنابهم لنواهيه، فكانت العبودية أعظم نسب ومقام في الأرض.
مثلاً، الآن في التعليم هذا يحمل وثيقة إتمام
مرحلة، هذه أقل شهادة، شهادة إعدادية، وهناك ثانوية علمية، وأدبية، العلمية
أقوى، هناك اختصاص، ليسانس، أو بكالوريوس، دبلوم عام، ودبلوم خاص، بعد هذا
ماجستير، وبعد هذا دكتوراه، دكتوراه دولة، وماذا بعد هذا ؟ جائزة نوبل، في
بعض البلاد شهادة متميزة جداً، إن كان في بعض البلاد بورد، وفي بلاد (إف
أر أس)، وفي بلاد (أ ر ج)، هذه الشهادات العليا، نحن في تسلسل العبودية
تسلسل مراتب الإنسان أعلى مقام في الذروة لا يرقى إلى هذا المقام، مقام أن
تكون عبداً لله والدليل:

﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ﴾


[ سورة الإسراء: الآية 1]

هذا سيد الخلق، وحبيب الحق سيد ولد آدم، الذي أقسم الله بعمره فقال:

﴿لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ (72)﴾


[ سورة الحجر: الآية 72]

ناداه الله بأنه عبده:

﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ﴾


[ سورة الإسراء: الآية 1]


﴿وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ﴾


[ سورة الجن: الآية 19]


﴿فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى (10)﴾


[ سورة النجم: الآية 10]

وهو في سدرة المنتهى.

﴿وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا﴾


[ سورة البقرة: الآية 23]

إذاً العبودية لله أعلى مقام، كيف أن الآن في
التاريخ الحديث هناك قطب واحد، وكيف يكون أعلى منصب في الأرض من يتربع على
رئاسة هذه الدولة العظمى ؟ هذا أعلى منصب في العالم، للتقريب أعلى مقام
يناله إنسان أن يكون عبداً لله.
أيها الإخوة الكرام: كلما ازددت عبودية له
رفعك إلى أعلى عليين، وكلما قلت: سلطت الأضواء على شخصك هوت بك هذه الرغبة
إلى أسفل سافلين، لذلك حينما خير سيدنا جبريل نبينا عليه الصلاة والسلام أن
يكون ملكاً أو يكون عبداً، فقال: بل أكون عبداً لله.
أخرج ابن حبان في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:

((جلس
جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فنظر على السماء، فإذا ملك ينزل فقال
له جبريل: هذا الملك ما نزل منذ خلق قبل ساعة، فلما نزل قال يا محمد
أرسلني إليك ربك أملكاً أجعلك أم عبداً رسولاً ؟فقال له جبريل: تواضع لربك
يا محمد فقال عليه الصلاة والسلام: لا بل عبداً ورسولاً ))

أنت في أعلى مقام حينما تكون عبداً لله.
والله أيها الإخوة الكرام: ما من إنسان يخضع
لله يمرغ جبهته في أعتابه يسأله، يتذلل إليه، ينكسر على بابه إلا أعزه
الله، ورفع شأنه، يقول الملك الظاهر بيبرس: ما استقر ملكي حتى مات العز بن
عبد السلام، عالم جليل، بقدر عبوديتك لله يرفعك الله، وبقدر أن تقول أنا،
وأنا فعلت، وأنا تركت، وأن تنسى الله عز وجل، وأن تشهد عملك الكبير فيما
تتوهم فأنت في طريق الهلاك، يا محمد ماذا تريد أن تكون، نبياً عبداً أم
نبياً ملكاً؟ قال:بل نبياً عبداً، أجوع يوماً فأذكره، وأشبع يوماً فأشكره.
ما من مؤمن ليس له صلة بالله، أحياناً يناجي
ربه، أحياناً يتذلل إليه، أحياناً يعلن توبته له، هذه المناجاة، هذا
الخضوع، هذا التذلل، هذا قمة العبودية لله عز وجل، هذا الذي وقف في وجه
التتار سجد لله هو نور الدين الشهيد، قال:يا رب من هو الكلب نور الدين حتى
تنصره، انصر دينك، يا رب أنا لا شيء، أنا كذا، انصر دينك.
بقدر ما تتذلل له فيما بينك وبينه يرفع شأنك، ويعلي قدرك، ويعزك، ويقهر أعداءك، وبقدر ما تقول أنا يخذلك، قال المتنبي يمدح نفسه:

أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي وأسـمعت كلماتي من به صمم
أنام ملء جفوني عن شوارده ويسهر الخلق جراها و يختصم
و جاهل مده في جهله ضحك حتى أتته يد صرافة وصــم
***

كان يمشي بين حلب و بصرى، خرج عليه أعداؤه فولى هارباً، هذا الذي نظر الأعمى إلى أدبه، هذا الذي قال:

الخيل والليل والبيداء تعرفني والسيف القرطاس والقلم

قال له غلامه: ألم تقل هذه الأبيات ؟ قال له:
قتلتني قتلك الله، وعاد فقتل، إذا قلت الله: تولاك، وإذا قلت: أنا، تخلى
عنك، أكاد أقول لكم أيها الإخوة الكرام: هذه تجربتان ؛ تجربة بدر، وتجربة
حنين، والصحابة هم هم، في بدر افتقروا إلى الله فنصرهم، وفي حنين قالوا: لن
نغلب من قلة فتخلى الله عنهم.
ملخص الملخص إذا قلت: أنا، تخلى الله عنك،
تقول: أنا ابن فلان، أنا أحمل دكتوراه تخلى الله عنك، أنا عندي خبرات
متراكمة، ماذا قل فرعون ؟

﴿أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ﴾


[ سورة الزخرف: الآية 51]

أهلكه الله، ماذا قال قارون ؟

﴿إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي﴾


[ سورة القصص: الآية 78]

أهلك الله عز وجل قوم بلقيس:

﴿نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ﴾


[ سورة النمل: الآية 33]

تخلى الله عنهم، قال الشيطان:

﴿أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ﴾


[ سورة الأعراف: الآية 12]

أهلكه الله عز وجل، أربع كلمات مهلكات: أنا،
ونحن، ولي، وعندي، فلذلك أيها الإخوة: حينما يتذلل الإنسان لله عز وجل،
ويخضع له، ويتوب إليه، وينكسر على أعتابه، ويلزم طاعته يعزه الله عز وجل.
والله أيها الإخوة: إذا أعزك الله سخر لك أعداءك الألداء لخدمتك، وإذا أذل الله عبداً يضربه أقرب الناس إليه، أقرب الناس إليه.
لذلك أيها الإخوة: هذا دعاء من أدعية النبي
عليه الصلاة والسلام أخرج الإمام أحمد بسند صحيح عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

((مَا
أَصَابَ أَحَدًا قَطُّ هَمٌّ وَلَا حَزَنٌ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي
عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ وَابْنُ أَمَتِكَ نَاصِيَتِي بِيَدِكَ مَاضٍ
فِيَّ حُكْمُكَ عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ
سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ أَوْ
أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ أَوْ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ
عِنْدَكَ أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي وَنُورَ صَدْرِي
وَجِلَاءَ حُزْنِي وَذَهَابَ هَمِّي إِلَّا أَذْهَبَ اللَّهُ هَمَّهُ
وَحُزْنَهُ وَأَبْدَلَهُ مَكَانَهُ فَرَجًا قَالَ فَقِيلَ يَا رَسُولَ
اللَّهِ أَلَا نَتَعَلَّمُهَا فَقَالَ بَلَى يَنْبَغِي لِمَنْ سَمِعَهَا
أَنْ يَتَعَلَّمَهَا))

هذا الدعاء أيها الإخوة: في منتهى العبودية لله عز وجل

((إِنِّي
عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ وَابْنُ أَمَتِكَ نَاصِيَتِي بِيَدِكَ مَاضٍ
فِيَّ حُكْمُكَ عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ
سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ أَوْ
أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ أَوْ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ
عِنْدَكَ))

هذا هو الدعاء، هذا دعاء يؤكد العبودية،
والحقيقة الحديث القدسي الدقيق جداً الصحيح الذي ورد في صحيح مسلم عَنْ
أَبِي ذَرٍّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا
رَوَى عَنْ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَّهُ قَالَ:

((يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا فَلَا تَظَالَمُوا...))

ليس هناك تشريف للإنسان أعلى من أن تنسب إلى
ذات الله، يا عبادي، لذلك فرق كبير بين العباد والعبيد، العبيد جمع عبد
القهر، بينما العباد جمع عبد الشكر، وكل إنسان مقهور من قبل الله عز وجل،
مقهور بضربات قلبه، مقهور بسيولة دمه، مقهور بحركته، الإنسان فجأة يفقد
حركته، أحياناً يفقد ذاكرته، أحيانًا يفقد حركة قلبه، يقال: سكتة قلبية،
فكل إنسان مقهور، ولو كان ملحداً، فهذا العبد المقهور جمعه عبيد:

﴿وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (46)﴾


[ سورة فصلت: الآية 46]

أما هذا العبد الذي تعرف إلى الله، وأقبل عليه فهذا العبد جمعه عباد:

﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ﴾


[ سورة الزمر: الآية 53]


((إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي، وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا فَلَا تَظَالَمُوا))

الإله العظيم، خالق الأكوان، من بيده كل شيء، ومن لا يستطيع أحد أن يسأله، لا يسأل عما يفعل، قال:

((إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي، وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا فَلَا تَظَالَمُوا))

والشيء بالشيء يذكر يقول مستشار دولة عظمى، هي قطب العالم: من يستطيع أن يلزمنا بتنفيذ عهودنا.
الإله العظيم ألزم نفسه بالاستقامة.

﴿إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (56)﴾


[ سورة هود: الآية 56]

الإله العظيم ألزم نفسه بالاستقامة، وإنسان قوي عنده طائرات، عنده سلاح نووي، قال: من يستطيع أن يلزمنا بتنفيذ عهودنا.
فحينما الإنسان يسقط في الوحول الإنسان وينتهي على مزابل التاريخ الإنسان وحينما يرقى يدخل التاريخ.
قَالَ:

((يَا عِبَادِي
إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ
مُحَرَّمًا فَلَا تَظَالَمُوا يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ ضَالٌّ إلا مَنْ
هَدَيْتُهُ فَاسْتَهْدُونِي أَهْدِكُمْ))

يعني نحن مفتقرون إلى هداية الله عز وجل.
إخواننا الكرام: حقيقة دقيقة جداً الإنسان عين
الإنسان هذه إذا فحصها في درجات الرؤية يعطونه حروفًا إلى أي جهة، آخر
سطر، إذا عرف الصواب يأخذ 12/10 أعلى درجة، فإذا كان الإنسان يتمتع ببصر
حاد، بأعلى مستوى، ولم يكن ثمة نور ما قيمة هذا البصر ؟ صفر، ضع في غرفة
مظلمة ظلاماً دامساً أعمى وبصيرًا ألا يستويان ؟ معنى ذلك أنه لا قيمة لهذه
العين من دون نور يتوسط بينها وبين الأشياء، بالمقابل لا قيمة لهذا العقل
إطلاقاً إن لم يكون هناك وحي يهتدي إليه.
مشكلة العالم الغربي يشقى ويشقي يقول لك ببعض
البلاد: قريبًا الثلاثين مليون مصاب بالإيدز، وسلسلة الشقاء تتفاقم، شقاء
ما بعده شقاء، الإنسان استخدم عقله بعيداً عن وحي السماء فلذلك:

﴿إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ (18) فَقُتِلَ كَيْفَ
قَدَّرَ (19) ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (20) ثُمَّ نَظَرَ (21) ثُمَّ
عَبَسَ وَبَسَرَ (22)﴾


[ سورة المدثر ]

فلو استخدم الإنسان عقله من دون وحي السماء لشقي، وأشقى من حوله.
قَالَ:

((يَا عِبَادِي
إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ
مُحَرَّمًا فَلَا تَظَالَمُوا يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ ضَالٌّ إِلَّا مَنْ
هَدَيْتُهُ فَاسْتَهْدُونِي أَهْدِكُمْ))

نحن جميعاً مفتقرون إلى وحي السماء.

((يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ جَائِعٌ إِلَّا مَنْ أَطْعَمْتُهُ فَاسْتَطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمْ))

إذا لم تنزل أمطار لا ينبت نبات، ويموت
الحيوان، ويموت الإنسان، بلاد فيها مجاعات بسبب الجفاف، وإذا نزلت الأمطار
غزيرة كما أكرمنا الله بها في هذا الموسم ترى الأرض كأنها مزدهرة.

((يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ عَارٍ إِلَّا مَنْ
كَسَوْتُهُ فَاسْتَكْسُونِي أَكْسُكُمْ يَا عِبَادِي إِنَّكُمْ تُخْطِئُونَ
بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا
فَاسْتَغْفِرُونِي أَغْفِرْ لَكُمْ يَا عِبَادِي إِنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغُوا
ضَرِّي فَتَضُرُّونِي وَلَنْ تَبْلُغُوا نَفْعِي فَتَنْفَعُونِي يَا
عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ
كَانُوا عَلَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مَا زَادَ ذَلِكَ
فِي مُلْكِي شَيْئًا يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ
وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ
مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِي شَيْئًا يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ
أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوا فِي صَعِيدٍ
وَاحِدٍ فَسَأَلُونِي فَأَعْطَيْتُ كُلَّ إِنْسَانٍ مَسْأَلَتَهُ مَا
نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي إِلَّا كَمَا يَنْقُصُ الْمِخْيَطُ إِذَا
أُدْخِلَ الْبَحْرَ يَا عِبَادِي إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا
لَكُمْ ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدْ
اللَّهَ وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ))

هذا الحديث جامع مانع للعبودية لله، نحن
مفتقرون إلى هدايته، وإلى رزقه، وإلى إكسائه، وإلى طاعته، وهو لا يظلم،
وغني عنا إذا آمنا، وغني عنا إذا كفرنا.
أيها الإخوة الكرام: الشرك ألوان، أحد أنواع الشرك ألا تعتقد أن الله فعال في الأرض، مع أن الله عز وجل يقول:

﴿وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ﴾


[ سورة الزخرف: الآية 84]

من الشرك أيها الإخوة أن تجعل لله أنداداً، أن تحبهم كحب الله تعالى، قال تعالى:

﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ
أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ
حُبّاً لِلَّهِ﴾


[ سورة البقرة: الآية 165]

من ألوان الشرك أن تطلب العزة مما سوى الله:

﴿وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آَلِهَةً لِيَكُونُوا
لَهُمْ عِزّاً (81) كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ
عَلَيْهِمْ ضِدّاً (82)﴾


[ سورة مريم ]

بتاريخنا المعاصر كم جهة اعتمدت على جهة مما سوى الله اعتماداً كبيراً، ثم طعنتها بالظهر، التاريخ بين أيديكم.

﴿وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آَلِهَةً لِيَكُونُوا
لَهُمْ عِزّاً (81) كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ
عَلَيْهِمْ ضِدّاً (82)﴾


[ سورة مريم ]

من ألوان الشرك أن تستنصر بغير الله:

﴿وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آَلِهَةً لَعَلَّهُمْ
يُنْصَرُونَ (74) لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ
مُحْضَرُونَ (75)﴾


[ سورة يس ]

من ألوان الشرك أن يفرح الإنسان، وأن يستبشر إذا ذكر الشركاء لله عز وجل.

﴿وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ
الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ
دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (45)﴾


[ سورة الزمر: الآية 45]

الآن قدم تفسيراً أرضيًا للأحداث يستبشر الناس، قدم تفسيراً توحيدياً يعود بلائمة على المسلم، يتألم المسلم.
من ألوان الشرك أنك إذا ذكرت الله وحده نفر الناس، وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده:

﴿وَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُوراً (46)﴾


[ سورة الإسراء: الآية 46]

من ألوان الشرك أن تحلل ما حرم الله، وأن تحرم ما أحل الله، أي أن تكون أنت المحلل والمحرم:

﴿وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ
وَالْأَنْعَامِ نَصِيباً فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا
لِشُرَكَائِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلَا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ
وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شُرَكَائِهِمْ سَاءَ مَا
يَحْكُمُونَ (136)﴾


[ سورة الأنعام: الآية 136]

هو يحلل، ويحرم، أن تتخذ أنداداً تحبهم كحب
الله، أن تطلب العزة مما سوى الله، أن تطلب النصر مما سوى الله، أن تستبشر
إذا ذكر الشركاء لله عز وجل، ألا تستبشر، بل تشمئز إذا ذكر الله وحده، وأن
تحلل، وتحرم هذا كله من ألوان الشرك بالله عز وجل.
أيها الإخوة الكرام: ما هي الأسباب الكبيرة التي تحمل على الشرك وهو نقيض التوحيد ؟
أولاً: أن تعجب بعقلك، أو أن تتبع رأياً لا علاقة له بالوحي، أو أن تتبع هواك.
هذه آفات ثلاث، أن تعجب بعقلك، وأن تعد العقل مرجعاً لكل شيء:

﴿إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ (18) فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (19)﴾


[ سورة المدثر ]

أن يحجب العقل عن وحي السماء، هو شيء كبير
جداً، لكن لا قيمة للعين من دون ضوء، كما أنه لا قيمة للعقل من دون وحي،
الضوء للعين كالوحي للعقل، فعقل بلا وحي ضال مضل، والعالم يتخبط في صراعات،
وفي حروب، وفي تدمير، وفي شقاء، وفي رذيلة، وفي إباحية، لماذا ؟ لأن العقل
البشري استقل عن وحي السماء، أكاد أقول لكم: إن ما تعانيه البشرية من
مشكلات بسبب عقل بلا وحي، وكل ما جاء به الإسلام من تقدم ومن خير هو عقل
يهتدي بالوحي، أنت كمسلم لك عقل يهتدي بالوحي، والكافر عقل بلا وحي، لذلك
المؤمن الله عز وجل يكرمه بالحكمة:

﴿وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً﴾


[ سورة البقرة: الآية 269]

والكافر أكبر عقاب له أن الله يتخلى عنه، فإذا
هو يرتكب حماقات ما بعدها من حماقات، فحينما تعتقد أن عقلك هو كل شيء،
وأنه وحده يعطيك الحل لكل مشكلة، وتستغني عن وحي السماء، فهذا أحد أكبر
أسباب الشرك، فحينما تقبل رأياً يتناقض مع وحي السماء، أيضاً هذا أحد أكبر
أسباب الشرك، وحينما تحكم الهوى والمصلحة تقع بالشرك، فالآراء والعقول
والأهواء هي سبب الشرك الذي هو المهلك.

﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ﴾


[ سورة النساء: الآية 48]

عندنا سبب آخر للوقوع بالشرك هو اتباع الشهوات، والخضوع للغرائز، إما إنسان عنده ضلال بعقله، أو إنسان عنده انحراف بشهواته:

﴿فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى (123)﴾


[ سورة طه: الآية 123]

لا يضل عقله، ولا تشقى نفسه.
أيها الإخوة: الدرس السابق والدرس الحالي متكاملان الدرس السابق من هو الله ؟ هو الخالق هو البارئ هو المصور أسماءه حسنى:

﴿قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيّاً مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى﴾


[ سورة الإسراء: الآية 110]

الدرس السابق من هو الله ؟ الدرس الحالي: ما
واجبنا اتجاه هذا الإله العظيم ؟ أن نعبده وحده، الدرس الماضي الحمد لله رب
العالمين، الدرس الحالي لا إله إلا الله، لا معبود بحق إلا الله، هذه كلمة
التوحيد، هذه كلمة الإسلام الأولى، أن تفرده بالعبودية، أن تعبده وحده،
وأن تأخذ مراده منك من خلال رسوله، لا إله إلا الله محمد رسول الله، أول
كلمة العبودة لله وحده ما قال الإله هو الله، هناك نفي لا معبود بحق إلا
الله الكلمة الثانية مراد الله منك تعرفه من خلال رسول الله.
أرجو الله سبحانه وتعالى أن ينفعنا بما علمنا،
وأن يزيدنا علماً، وهذه الدروس من أدق دروس الإسلام، دروس العقيدة، إن صحت
عقيدتنا صحت عملنا، وإن فسدت فسد عملنا وأعيد، وأكرر: العقيدة هي الميزان،
ومفردات الدين هي الوزن، فالخطأ في الميزان لا يصحح، بينما الخطأ في الوزن
لا يتكرر، أخطر شيء أن يكون خطؤك بالميزان، هذه العقيدة.
أكثر المقصرين لا يرى أن الله وحده يتصرف، يرى
شركاء لله عز وجل، لذلك يخاف من زيد وعبيد، يتمزق، لو أنه وحد لانتهت كل
مشكلاته، ما تعلمت العبيد أفضل من التوحيد، فنحن حينما نقول: لا إله إلا
الله يعني لا معبود بحق إلا الله، أنت عرفت الله من مقتضيات هذه المعرفة أن
تعبده.
إنسان يكاد يموت من العطش علم أن في هذا
المكان نبع ماء، هل يتم واقفًا ؟ مستحيل، عندك معرفة، ومقتضى هذه المعرفة
أن تتحرك نحو الحقيقة، درس اليوم مقتضى هذه المعرفة أن أنتقل، وأشرب من هذا
الماء فأرتوي، درس اليوم العبادة، الدرس الماضي كان معرفة رب العالمين.
والحمد لله رب العالمين
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://dawa7.yoo7.com
 
توحيد الالوهية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» توحيد الربوبية

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
شبكة الدعوة و التبليغ :: المنتديات العلميه :: منتدى الفقه والعقيده :: قسم العقيدة-
انتقل الى: